القصة القصيرة هي الشكل الأدبي الأمثل للكثير من كُتاب الأدب، فعند مُقارنتها في الرواية، ستجد أنَّها أقل تعقيدًا، فقد تكتبها في جلسة واحدة أو في عدة أيام، بينما كتابة الرواية تتطلّب منك وقتًا أطول، ومع ذلك فإنَّ القصة القصيرة يجب أن تتوافر فيها مجموعة من الشروط، والتي سنعرض أهمها في هذا المقال.


تحديد فكرة القصة

قبل الغوص في كتابة قصة قصيرة، عليك أنْ تحددَ أولًا الفكرة التي ستدور حولها الأحداث، كالغيرة بين الأصدقاء، أو فقدان شخص عزيز، فالبعض من السهل عليه إيجاد فكرة أو موضوع للقصة، والبعض الآخر يجد صعوبة في هذا الأمر، لكن اتباع النصائح التالية سيسهم في تدفّق الأفكار الإبداعية إليك، وهي:[١]

  • ابدأ بشخصيّة أو مكان مثير للاهتمام: تختلف القصة القصيرة عن الرواية بأنَّها أضيق نطاقًا منها، فالتركيز بالقصة القصيرة يكون غالبًا على شخصية أو مكان أو حدث واحد، لذلك فإنَّ تحديد عدد قليل من الشخصيات ومكان أو مكانين للأحداث، يُسهل عليك الأمر، فعلى سبيل المثال، فيلم السباح (The Swimmer) للمؤلف جون شيفر (John Cheever) هو عبارة عن قصة قصيرة تدور أحداثها حول شخصية واحدة وهو أب أمريكي من الضواحي يقرر السباحة في جميع برك السباحة الموجودة عند جيرانه، وعليه فاختر مكاناً شائقاً للأحداث بحيث يلعب دوراً مهماً فيها، كما وخذ بعين الاعتبار أن تكون شخصياتك عميقة، كأن تكون مليئة بالتناقضات، واحرص على ألا تكتفِ بشخصية شريرة وأُخرى طيبة فقط.
  • فكر بتجاربك الشخصية وحياتك الخاصة: كما يقول المثل "اكتب ما تعرفه"، فيُمكن أنْ تجد فكرة للقصة أو مدخلاً لها من التجارب الواقعية التي عشتها، وهذا لا يعني أنَّك يجب أن تكون قد مررْت بوقت عصيب كي تكتب عنه، فحكاية أو حكايتين من حياتك يُمكن أنْ تُشكلا أساسًا لقصة قصيرة، ونقطة انطلاق لمخيلتك.
  • استلهم الأفكار مما يدور حولك: احرص على اقتناء مفكرة سواء ورقية أو إلكترونيّة لتدوّن فيها أي فكرة أو حدث أو جملة تسمعها من الممكن أن تُثير خيالك في وقت لاحق، فربما جملة تسمعها في محادثة بين أقاربك يُمكن أن تكون فكرة مثالية لقصة قصيرة، أو شخصية تقابلها في مكان عملك، أو خبر تسمعه في نشرة الأخبار، أو قصة يرويها لك أحد أصدقائك، كل ذلك ممكن أن يفيدك لتشكيل فكرة القصة ورسم أحداثها.


كتابة افتتاحية جذابة للقصة

من أهم عناصر القصة القصيرة هو عنصر الجذب للقارئ، والذي يبدأ من أول فقرة فيها، لذا يجب أن تكون افتتاحية القصة قوية، ويتحقق ذلك من خلال احتوائها على حدث رئيسي، أو صراع من نوع ما، أو وصف لغوي مدهش، وقد تحتوي على كل هذه الأشياء في نفس الوقت، وكما يجب أن تبدأ من الفقرة الأُولى بالتعريف بالشخصية الرئيسية، والمكان الرئيسي الذي تدور فيه الأحداث، والتلميح لأفكارك ومشاعرك وطبيعة الموضوع الذي تتناوله القصة، مع الأخذ بعين الاعتبار الابتعاد عن الأُسلوب المُباشر.


فعلى سبيل المثال، جملة مثل (كنت وحيدًا في ذلك اليوم) ليست الأمثل لافتتاح قصة، فهي ليست مُصاغة بطريقة محفزة ومثيرة لخيال القارئ، ويُمكنك استبدالها بجملة تؤدي نفس الغرض لكن مُصاغة بأسلوب قصصي أفضل، مثل (بعد أسبوع من وفاة زوجتي وجدْتُ نفسي أدقُ البابَ على الجيران طالبًا استعارة بعض السكر، ولم أكنْ أُخطط لعمل أي شيء بالسكر في تلك اللحظة)، فمن هذه الجملة يستنتج القارئ الحدث في القصة وهو "وفاة الزوجة"، وبحالة البطل دون ذكرها بشكل مباشر وهي أنَّه "يشعر بوحدة فظيعة"، وتكون بذلك قد خلقْتَ مشهدًا يُمكن أن تُبنى عليه الأحداث وهو "بين البطل والجيران"، وكذلك يُمكنك استبدال جملة خالية من أي إثارة لخيال وفضول القارئ مثل (لقد سمعْتُ صوت جاري الذي يسكن خلفنا) بجملة مثل (يمارس جاري العلاج بالصراخ كل يوم أثناء استحمامه) فهذه الجملة تثير الكثير من التساؤلات التي تدفع القارئ لمتابعة القراءة مثل، من هو هذا الرجل الذي يصرخ؟ ولماذا يفعل ذلك؟ وما هو العلاج بالصراخ بالضبط؟.[٢][٣]


التخطيط للذروة العاطفية وخلق صراع

في أي قصة قصيرة يوجد لحظة يصل فيها البطل إلى أقصى درجات الانفعال نتيجة لما مر معه من أحداث، تُسمى هذه اللحظة "الذروة العاطفية"، بحيث يُغمر البطل بفيض من المشاعر أو الأحداث الشاقة التي تجعل اليأس أو الشك يسيطر عليه، أو تخرج حياته عن السيطرة، ومن أمثلة الذروة العاطفية "أن تواجه الفتاة المراهقة صاحبة الشخصية الضعيفة موقفًا يفرض عليها الدفاع عن أخيها الصغير ضد المتنمرين في المدرسة".


وكما يجب أن تحتوي كل قصة قصيرة على أزمة مركزية يجب على البطل أنْ يتعامل معها، وهذا هو ما يُسمى بـ "الصراع"، والذي يجب أنْ تبدأ باستعراضه من أول القصة، ثم تتعمق في الدخول إليه من خلال سرد الأحداث التي يمر بها البطل الذي يعيش هذا الصراع، ومن الأمثلة على الصراع: أنْ تجعل لبطل القصة هدفًا معينًا يريد الوصول إليه، لكنَّه يعاني على مدار الأحداث خلال سعيه لتحقيقه، أو أنْ تضع البطل في موقف خطر يتطلب منه فعل المستحيل لتخليص نفسه وعائلته منه.[٢]


إنهاء القصة بخاتمة قوية

من أكثر الأمور التي قد تصيب القارئ بخيبة الأمل هي أنْ يقرأ قصة جميلة مشوقة بأسلوب أدبي مذهل، وعندما يصل لخاتمتها يجدها ضعيفة ولا شيء مُفاجئ فيها،[١] لذلك يجب أنْ تضعَ نُصب عينيك من البداية الوصول إلى خاتمة تجعل القارئ مصدومًا ومتفاجئًا نتيجة الكشف عن معلومة ما في آخر لحظة، أو نتيجة انقلاب غير متوقع في مسار الأحداث، مما يدفعه لتغيير وجهة نظره، ويضعه في موقف عاطفي وكأنَّه أصبح جزءاً من القصة، فبعد أن تسرد أحداث القصة، تختم بالمفاجأة التي تجعل القصة عالقة بذهن القارئ، لذلك ابتعد عن كتابة نهايات متوقعة من اللحظة الأُولى للقصة،[٢] وكما أنَّ النهايات الأكثر إقناعًا هي التي تتمحور حول شخصيات القصة من خلال وصف التغيرات التي طرأت عليها، وكيف تغير فهمنا لها.[١]


المراجع

  1. ^ أ ب ت "How to Write a Short Story in 6 Simple Steps", blog.reedsy, 2021/5/17, Retrieved 26/7/2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت Stephanie Wong Ken (2021/7/8), "How to Write a Short Story", wikihow, Retrieved 26/7/2021. Edited.
  3. "Short Story Tips: 10 Hacks to Improve Your Creative Writing", jerz.setonhill, Retrieved 26/7/2021. Edited.