تُقدّم البحوث بكافة أنواعها لهدف واحد هو خدمة التطوّر العلمي والإنساني، فمهما كان الغرض الذي ستكتبُ بحثك لأجله لا بدّ له من أن يصبّ في خدمة التطوّر الإنساني في النهاية، وتختلف البحوث على كثرتها في أمور عدّة مثل: موضوعها، والغرض منها، وطريقة عرضها، ومدى مصداقيّتها ودقّة المعلومات الواردة فيها، وهي الأمور التي تُحدّد بالنهاية جودة هذا البحث، ومدى اعتماده كمرجع موثوق فيما بعد، فبذل الجهد، وإسراف الوقت غير كافيين لإعداد بحث شامل ومتكامل، إذ إنّ لكتابة البحوث أسس دقيقة تجعلها مادة مناسبة للقراءة الموثوقة، ولاعتمادها كمراجع فيما بعد، كما إنّ لها هيكلة معيّنة تُبنى على أساسها، وفي هذا المقال توضيح للطريقة التي يُكتب بها تمهيد البحث الذي هو مدخل يعكس ما فيه، ويشجّع القارئ على قراءته.
الغاية من التمهيد
يوضع التمهيد لغايات عدّة وهي:[١]
- الفصل بين المقدّمة وهيكلة الموضوع البحثيّ، إذ تقع بينهما بحيث يكون الانتقال ما بين مادة المقدّمة النظرية ومادة البحث بعدها انتقالاً منطقيّاً وسلساً.
- تهيئة القارئ، والتوطئة للدخول في صلب الموضوع البحثيّ، ويكون ذلك بمراجعة ما يلزمه من مصطلحات وتعريفات وغيرها.
- إعطاء القارئ فكرة عامة عمّا هو مقبل على قراءته والبحث فيه.
- تعريف القارئ بالمصطلحات العلمية التي استخدمها الباحث في بحثه.
دليلك للتفريق بين المقدّمة والتمهيد
يخلط الكثير من القرّاء، أو الباحثين بين المقدّّمة والتمهيد بالرغم من وجود اختلاف واضح بينهما نورده في هذا المقال:[٢]
- المقدّمة: تُعتبر المقدّمة عنواناً للبحث، وهي أوّل ما يستهلّ به الباحث بحثه بعد عنوان المقال، واسمه -الباحث-، حيث تحتوي المقدّمة على مجموعة من العناصر ذات الصلة بالبحث مثل: موضوعه، حدوده، الدراسات السابقة التي تخصّه، وظروف كتابة هذا البحث مثلاً، وشكر لبعض من ساهموا معه بشكل أو بآخر، وغيرها من الأمور.
- التمهيد: وهو الجزء الذي يربط بين المقدّمة ومتن البحث، وهو بمثابة الجسر الذي يربط بين معلومات، أو دراسات، أو مفاهيم سابقة من الضروري أن يلمّ بها القارئ مع ما جاء في بحث الباحث، ممّا يدفعه لذكرها في التمهيد لتسهيل الفهم، فعند كتابة بحث في موضوع الجملة الاسمية مثلاً، على الباحث أن يضمّن في تمهيده شرحاً موجزاً للمصطلحات التي تتعلّق في الجملة الاسمية مثل مفهوم الجملة، وتقسيمات النحاة لها، وما إلى ذلك من أمور تهيّئ القارئ لموضوع البحث، وتسهّل عليه الانخراط فيه، ويسمى التمهيد (تمهيداً) إذا كان البحث بحثاً علمياً، أمّا إذا كان رسالة علمية فيسمّى (باباً) أو (مبحثاً).
يكمن الفرق بين المقدّمة والتمهيد فيما يأتي:[٢][١]
- يتطرّق الباحث لبعض الأمور الذاتية في المقدّمة مثل: ظروف كتابة البحث، والباحث، وشكر لبعض من ساهموا في كتابة هذا البحث، أمّا في التمهيد فلا يجوز ذلك.
- تُعتبر المقدمة ركناً أساسياً في كل الأبحاث لا تقوم بدونه، فيما يجوز الاستغناء عن التمهيد في بعض الأبحاث تبعاً للحاجة.
- تكون المقدمة في صلب البحث وتناقش ما فيه، فيما يحتوي التمهيد على ما هو خارج موضوع البحث لكنّه يمهّد له.
- يتراوح طول المقدمة ما بين الثلاثة والأربعة صفحات وقد يقلّ، لكنه لا يزيد عن ذلك، في حين قد يزيد التمهيد عن ذلك، فيصل إلى ما يقارب العشرين صفحة في بعض الأحيان.
كيف تكتب تمهيداً؟
لكتابة تمهيد مناسب لبحثك أيّاً كان نوعه اتّبع ما يأتي:
- أعد قراءة بحثك قراءة سريعة، واطّلع على جميع مباحثه وأبوابه.
- ابدأ بالأبواب، والمباحث، والفصول تباعاً، واحصر الأفكار، والمصطلحات، والتراكيب التي تحتاج إلى توضيح وتمهيد على ورقة، فلتبدأ بها من البداية حتى النهاية.
- اكتب تمهيداً أولياً خاصاً بكل تبويب تذكر فيه الفكرة الرئيسية، والأفكار الفرعية، وما فيه من مصطلحات حصرتها سابقاً لإيصالها للقارئ، حيث يكون هذا التمهيد بمثابة شرح بسيط يمكّن القارئ من فهم محتوى التبويب الذي أنت بصدد الكتابة عنه.
- اجمع كل ما كتبته الآن من فقرات وحاول الربط فيما بينها باستخدام جمل ربط مناسبة تسهّل نقل القارئ من فكرة إلى أخرى، ومن تبويب إلى آخر.
أو
- اكتب تمهيد كل تبويب وقم بربطه مع تمهيد التبويب الذي يليه -أوّلاً بأوّل- باستخدام أسلوب لغوي مناسب، فالنتيجة في كلتا الحالتين واحدة.
- أعد قراءة ما كتبته وتأكّد بأنّك ضمّنت تمهيدك كل ما يلزم من أفكار ومصطلحات، وأضف ما يحتاج للإضافة، واحذف ما ترى فيه إطالة وعدم إفادة.
- نسّق ما كتبت باستخدام أحد البرامج الحاسوبية المناسبة، حيث تبدأ بالبسملة، وتسمية التمهيد -كما سبق الذكر-، والتأكّد من سلامة اللغة من جميع الجوانب.
افعل ولا تفعل
-احرص على أن تكون لغة التمهيد موجزة، ومختصرة، وخالية من الأخطاء الإملائية، والنحوية، والطباعية؛ وذلك لأنّ التمهيد هو دليل القارئ لبحثك والمرآة التي تعكس جهدك المبذول فيه، ولتكن لغته علمية فصيحة.
-لا تتناول موضوع البحث ولا أبوابه بشكل مفصّل في التمهيد، واكتفِ بذكر موجز عمّا فيه.
-لا تجعل لكل فصل أو تبويب تمهيداً خاصاً به، واكتفِ بتمهيد واحد يفصل مقدّمة البحث عن متنه.
-احرص على ألّا يزيد حجم التمهيد عن المعتاد، فيفوق في عدد صفحاته فصلاً من فصول البحث.
-احرص على أن تكون المعلومات الواردة في التمهيد صحيحة ودقيقة.
المراجع
- ^ أ ب "كيف تكتب التمهيد في البحث"، مبتعث، اطّلع عليه بتاريخ 19/9/2021. بتصرّف.
- ^ أ ب أحمد ابراهيم خضر، إعداد البحوث والرسائل العلمية من الفكرة حتى الخاتمة رابط الموضوع، صفحة 119. بتصرّف.