تعدّ المقالة من الفنون الأدبية، وهي عبارة عن قطعة إنشائية ذات طول معتدل تُكتب نثرًا، وتلم بالمظاهر الخارجية للموضوع بطريقة سهلة سريعة، وتتميز لغتها بالسهولة والبساطة والبعد عن التعقيد، وتنقسم المقالة إلى نوعين رئيسيين: المقالة الذاتية وهي التي تعبّر عن عواطف الكاتب وأحاسيسه تجاه مشهد من المشاهد أو حدث من الأحداث أو قضية من القضايا، وتعكس في وضوح وصراحة رؤية صاحبها الخاصة للموضوع الذي يتناوله وتنقسم إلى مقالة اجتماعية، ووصفية، وشخصية، وسيرة، والنوع الثاني هو المقالة الموضوعية، وهي التي تسلك سبيل البحث العلمي، ومن أقسامها: المقالة النقدية والتاريخية، والفلسفية، والعلمية، وتُقسم المقالة حسب أسلوب الكاتب إلى مقالة أدبية، ومقالة علمية، ويمكن القول إنّ المقالة الذاتية في جوهرها مقالة أدبية؛ لأنّها تعتمد على الأسلوب الرائق، والألفاظ العذبة، وتعبّر عن ذات الكاتب وشعوره، وهذا المقال سيجيب عن سؤال واحد هو: كيف تكتب مقالة أدبية.[١]
كيفية كتابة مقالة أدبية
تمرّ المقالة الأدبية بثلاث مراحل رئيسيّة، وفيما يلي توضيح لها:[١]
- مرحلة التخطيط: قبل البدء بعملية الكتابة لا بدّ من التخطيط لها من خلال تحديد نوع المقال وعنوانه، والفكرة العامة التي تودّ إيصالها للقارئ، والأفكار الرئيسيّة والفرعيّة، وتحديد الشواهد والاقتباسات التي يمكن توظيفها في المقال، إلى جانب تحديد الجمهور المستهدف، وطول المقال، وعدد الكلمات المتوقّعة، والمراجع والمصادر المرتبطة بالعنوان الذي اخترته.
- مرحلة الكتابة: تتضمّن هذه المرحلة البدء بكتابة موضوع المقال بشكلٍ شائقٍ يجذب الانتباه، على أن يحتوي على:
- مقدمة: تتألّف من معارف مُسلّم بها، وتتميز المقدمة بحجمها القصير والموجز ويراعى أن تكون على اتصال بالموضوع بحيث تكون بمثابة تمهيد للدخول في صلب الموضوع.
- العرض: يأخذ الكاتب هنا بمعالجة الموضوع بعرض ما لديه من أفكار وخواطر بطريقة مؤثرة جاذبة مقنعة لقرائه، مع التنويع في استخدام الكلمات والجمل والتراكيب المعبرّة واستخدام الأدلة والبراهين والوصف والتحليل، وتوظيف الصور البلاغية، هذا مع مراعاة الاهتمام بأدوات الربط وعلامات الترقيم والسلامة الإملائية والنحوية.
- خاتمة: وهي في العادة ما تكون بمثابة ملخص المقال، وتُثير قضايا وأفكارًا جديدة موجزة ومركبة.
- مرحلة مراجعة المقال: تتضمّن مرحلة مراجعة المقال، مراجعة الفكرة العامّة والأفكار الفرعيّة، وصحّة المعلومات والأسلوب، ومراجعة اللغة على مستوى الكلمة والجملة والفقرة، ومراجعة المصادر والمراجع، والتحقق من سلامة الاقتباسات.
نموذج تطبيقي
تخيّل أنّك تريد كتابة مقالة أدبية بعنوان "الحب جنة والتعلّق جحيم"، فبحسب الخطوات السابقة ستقوم بما يلي:
المــــــــرحـــــلة | الإجــــــــــــــــراءات الــــمتـــــــــــوقـــــعــــــة |
التخـــــــــــــــطـــيــــط | أولًا ستحدّد العنوان وهو في المثال: الحب جنة والتعلّق جحيم. تريد من هذا المقال أن توصل للقارئ فكرة عامة وهي الفرق بين الحب والتعلّق بأسلوب أدبي، والأفكار الرئيسية: وهي معنى الحب، ومعنى التعلّق، والأفكار الفرعية، وهي الحديث عن آثار كلّ منهما، وعواقب الخلط بين الحب والتعلق. تخطط بالاستعانة بشواهد شعرية توضّح معنى الحب وأخرى توضّح معنى التعلق، وسيكون الجمهور المستهدف هم الأشخاص الذين لا يفرّقون بين الحب والتعلّق. ولا تنسَ تحديد المصادر والمراجع التي ستتّضح لك بعد البحث في الكتب وفي الإنترنت بحسب ما تريد وتنتقي. |
الكـــــــــتابـــة | كتابة مقدمة جاذبة تثير فضول القارئ لمتابعة قراءة المقال، على سبيل المثال: "هل أحببتَ يومًا؟ هل تتذكّر المشاعر التي كنت تشعر بها في تلك الفترة؟ هل كنت تشعر بدفء الحب وأمانه، أم أنك من أولئك القلقين من تغيرات القلوب ومن المد والجزر في العلاقات الإنسانية؟، ماذا يعني كل شعور من هذه المشاعر وإلى أين يقود الإنسان؟. الدخول في العرض، من خلال البدء بعرض الأفكار الرئيسيّة والفرعيّة التي سبقت الإشارة إليها في مرحلة التخطيط بشيء من التفصيل، مع مراعاة الشكل العام البلاغيّ والنحويّ والإملائيّ. تنهي المقال بخلاصة لما ذكرته فيها أو بإثارة تساؤل جديد، يمكنك مثلًا أن تقول:" كم من إنسان عاش مرارة التعلق وعذاباته وهو يظن نفسه محبًا، ضع يدك على قلبك دائمًا وتذكر أنّ الحب أمان وراحة ومودة وسكينة وثقة وتسليم، وأي شعور يؤذيك أو يكسر قلبك، ويحيلك إلى عوالم الخوف والقلق والشك هو تعلق قاتل سيودي بك إلى الهلاك، لذلك تواصل مع نفس وقلبك دائمًا كي لا تقع في فخ المشاعر الخادعة"، وقد تختار بيت شعر أو قصة قصيرة جدًا سطرين أو ثلاثة لتنهي بها مقالك الأدبي. |
المراجــعــــة | تتضمن مرحلة المراجعة التأكّد من كلّ ما كتبته في مرحلة التخطيط، إلى جانب التأكد من سلامة الأسلوب واللغة والإملاء، وتدقيق المصادر والمراجع التي استعنت بها. |
نصيحة إضافية عند كتابة مقال أدبي
من أهمّ ما يميّز المقالة الأدبية الأسلوب الأدبيّ والعاطفة الجيّاشة والمشاعر الواضحة، واستخدام الصور الفنية والبلاغية فهي روح المقال، ولكن لا يعني ذلك العشوائية عند كتابة المقال وبثّ كل ما في الذهن من أفكار وما في القلب من مشاعر دون حدود؛ لأنّك في النهاية تكتب لفئة معينة فيجب أن تكون متسلسلًا، بليغًا، من غير إفراط أو إيجاز مخلّ، ويُنصح خلال مرحلة التخطيط باستخدام استراتيجية العصف الذهني، يمكنك ببساطة كتابة العنوان في دائرة صغيرة وتفريع دوائر متعددة منها، وكتابة كل فكرة أو شعور حول الموضوع في دائرة ثم تجميعها معًا وترتيبها على شكل أفكار رئيسية وفرعية، إلى جانب كتابة الاقتباسات والشواهد التي أعددتها، تبقى الإشارة إلى أنّ الأسلوب مهم في كتابة المقال لا سيما الأدبية فهو الذي يميز كاتبًا عن آخر، ويمكنك تطوير نفسك من خلال القراءة المستمرة، قد تبدأ بتقليد ومحاكاة أسلوب كاتب معين في البداية، لكن بعدها ستستقلّ بأسلوبك الخاص الفريد.[٢]
المراجع
- ^ أ ب ماهر شعبان عبد الباري، الكتابة الوظيفية والإبداعية، صفحة 224-235. بتصرّف.
- ↑ Janet Peischel (15/4/2021), "How to Write Articles", www.wikihow.com, Retrieved 23/7/2021. Edited.