كيف تكتب رواية غموض؟

لربما تكون روايات الغموض من أكثر أشكال العمل الروائي جذباً للقرّاء، ومن أكثر أشكال الكتابة متعةً للكاتب المتمكن وأكثرها صعوبة وإثارة، فالرواية الغامضة هي المرادف لأدب الجريمة والروايات البوليسيّة، وهي النوعية التي تتضمن في محتواها لغزاً، أو سراً خارقاً يسعى بطل الرواية لِحلّه وكشف خفاياه.

نصائح ما قبل البدء بالكتابة

تُعد مهمة كتابة روايات الغموض من المهمّات الشيقة والصعبة في آنٍ واحد، وتستلزم كتابة رواية غموض ناجحة القيام بعددٍ من الأمور قبل الشروع في كتابتها، ومن هذه الأمور ما يلي:^[١][٢]

• مطالعة القصص القصيرة، وكتب الغموض الكلاسيكيّة والألغاز بكثرة، بالإضافة للروايات البوليسيَّة الأكثر نجاحاً ومبيعاً، والانتباه إلى طريقة الكتاب الآخرين في إضافة عنصر التشويق لمؤلفاتهم، وذلك من خلال طريقتهم في تضمين الأدلة والقرائن، وآلية استخدامهم للتوجهات المعقدة لفك الغموض أو اللغز، فمن شأن هذا الأمر تزويد الكاتب بخبرة أكبر.
• التعرُّف على كافة تفاصيل الجرائم في الروايات الأخرى، سواء أكان الكاتب يود كتابة قصص جرائم أو غيرها.
• تقصّي الفروقات بين روايات الغموض وروايات الرعب، حيث ترتكز روايات الغموض على سر أو لغز يسعى البطل إلى حلّه، أمّا روايات الرعب فهي -غالباً- تتحدَّث عن قوَّة خارقة غير بشريّة.
• متابعة الأحداث والمشاكل في المجتمع، والتي يُمكن أن تزوّد الكاتب بأفكار عديدة لضمان نجاح روايته.

كيف تكتُب رواية غموض

عند البدء بكتابة رواية غموض، اتّبع الأمور التالية:^[٢]

تحديد نوع رواية الغموض

حيث إن هناك عِدَّة أقسام لروايات الغموض، كـ (الروايات البوليسيَّة)، والتي يكون فيها البطل عادةً مُحققاً، وتتميّز الروايات البوليسيَّة بسهولة حل اللغز فيها إلى حدّ ما، ومن الأنواع الأخرى لرواية الغموض (الروايات غير البوليسيَّة)، بحيث يكون البطل في هذا النوع من الرواية شخصية عادية بعيدة عن رجال الشرطة، فهو يعمل منفرداً لحل اللغز الغامض الذي تدور أحداث الرواية في فلكه، ويُعتبر هذا النوع من الرواية أكثر صعوبة وتشويقاً من الروايات البوليسيَّة، والنوع الأخير من روايات الغموض هي (روايات الغُرَف المُغلقة)، ويُعتبر هذا النوع من أكثر الروايات غموضاً وتعقيداً وتشويقا، حيث يكون سر غموض الأحداث فيها هو عدم توافر الأدلَّة الكافية للحل.

خلق الشخصيات

تُعتبر الشخصيّة الرئيسيّة في رواية الغموض أقل أهميّة من العقدة أو الحبكة في الرواية، على الرغم من قيام محور الرواية على الشخصيَّة وصفاتها، فاعمد إلى تصوّر شخصياتك الرئيسية والثانوية ثمّ ابدأ.

إيجاد العُقدة أو الحبكة

تُعتبر العُقدة من أهم عناصر روايات الغموض بكافة أنواعها، وتتمحور العقدة في الرواية على السر أو اللغز ومنطقيته، وهنا تظهر فطنة الكاتب في التلاعب بمُعتقدات القارئ حول شخصيّة المجرم، وإدخاله في متاهة مُعقدة وخارجة عن المألوف لتضليله بسبب تشبّعها بالأدلّة الكاذبة، لقيادته إلى المسار الخاطئ أثناء سعيه لفك طلاسم اللغز، ومن هنا تصبح الأحداث أكثر مُتعةً وتشويقاً، ويرتكز التشويق هنا في حجم المخاطر والالتواءات المفاجئة، وغير المتوقعة في الكثير من الأحيان.

إضفاء المصداقيَّة

تتجلّى مصداقيّة الكاتب في روايته في منطقيّة الأحداث، والزمان، والمكان، وقرب شخصيات الرواية من الواقع، فالمصداقيّة في العمل الروائي هي شكل من أشكال الاحترام لعقليّة القارئ، حيث أن ذكر المكان والزمان يُضفي على الرواية الواقعيّة، وبالتالي يشعر القارئ بعد الانتهاء من قراءتها بأنها رواية حقيقيّة، وليست من نسج خيال الكاتب.

اختيار الأسلوب السرديّ المناسب

تتميّز روايات الغموض بأنها لا تحتاج إلى التعمق في عنصر الوصف كما هو الحال في الروايات العاطفيَّة، لأنّ الوصف يُمكن أن يكشف الغموض في الرواية عن غير قصد، ولكن الحوار هو العنصر المهم في هذا الشكل من الروايات، لأنّ مفتاح السرّ عادةً يكمن بين السطور في الحوار الدائر بين شخصيّات الرواية، كما أن عليك التركيز على سمات الأماكن التي تتحرّك فيها شخصيّاتك حيث تستطيع من خلال ذلك تضمين الإثارة لكل زاوية من زوايا الأماكن وجعلها نابضة بالخطر والألغاز.

تضليل القارئ

حاول تضليل القارئ بالأدلة الخاطئة أثناء محاولته لاكتشاف اللغز، وسر به نحو طرق مسدودة من التحليل، فذلك من شأنه زيادة التشويق، ورفع مستوى التفاعل بين القارئ والرواية، كأن تشير كلّ الدلائل في مرحلة معيّنة إلى شخصية ما على أنّها القاتل، ثم دلي هذه الشخصية بإثبات تواجدها في مكان ما بعيداً عن مسرح الجريمة أثناء وقوعها مثلاً.

استخدام تقنية القصّة الخلفيَّة

تعني هذه التقنية التركيز على الماضي، وتسليط الضوء عليه لتستطيع بناء أحداث الحاضر من خلاله لحل اللغز، وعادةً يتم التركيز على الماضي في روايات الغموض بعد الفصل الأوّل من الرواية، حيث أن الفصل الأول يكون رهين اليوم.

خلق نهاية الرواية

وهي الجزئيّة التي ينتظرها القارئ بفارغ الصبر، ولهذا لا بدّ من أن تكون النهاية منطقيّة لتلاقي قبولاً من القارئ، والجدير بالذكر بأنّ القارئ يسعى دوماً لمشاركة الشخصيّة الرئيسيّة في رواية الغموض لفك شيفرة اللغز قبل الوصول لنهايتها.

تنقيح الرواية

يُنصح بعمل أكثر من مسودّة لرواية الغموض خاصةً إن كانت هذه هي المحاولة الأولى لكتابة هذا الشكل الروائي المختلف، لأنّ إعادة الكتابة مراراً وتكراراً من أهم أسرار العمل الإبداعي والمميَّز، حيث أنّ تكرار الكتابة يقود إلى التطوير على الأحداث، ودعم المؤامرة.