نحيا في عصر تتسابق فيه سبل العلم وتتسارعَ فيه طرق المعرفة نحو الانتشار والاتساع في ظلّ وسائل الإعلام والصحافة بنوعيها الورقية والإلكترونية، فباتت للكتابة مفاهيمها الواسعة، وأفكارها الخاصة، فهي ليست مجرد حبر على ورق، بل إنّها تتجسّد في روح الكاتب ذاتها، ويعدّ المقال من الفنون الأدبية الأولى في الأهمية في هذا المضمار، لقصر حجمه، وتنوّع موضوعاته،[١] وعليه فسنتناول الحديث في طيّات مقالنا هذا فنّ كتابة المقال، بمفهومه وأنواعه، وخصائصه.


تعريف المقال

يعدّ المقال أحد فنون الكتابة النثريّة، فهو نصّ كتابيّ له طول معيّن وحجم محدد، يعالج في العادة موضوعًا معيّنًا أو قضيّة ما، تتضح فيه معالم شخصيّة كاتبه، وله مقوّمات فنيّة وأجزاء، بالإضافة إلى عناصر المقال المحدّدة، وهي: المقدمة، والعرض، والخاتمة، وسيأتي بيانها لاحقاً.[٢]


خطوات كتابة المقال

في الآتي بعض الخطوات الرئيسية التي تساعدك على البدء في كتابة المقال:[٣]

  • اختيار الموضوع وتحديد الهدف منه: ويكون عن طريق متابعة الكاتب لما يجري حوله وما هي المواضيع التي تلاقي اهتمامه ويرغب في الكتابة فيها، وبناءً على ذلك يحدد الهدف من كتابة مقاله، هل سيكون موضوعاً أدبياً وجدانياً يعبر فيه الكاتب عن مشاعره، أم سيكون موضوعاً أكاديمياً، بحيث يقدم لقارئه مجموعة من المعارف والمعلومات لغاية تثقيفه وتوعيته.
  • اختيار العنوان المناسب: إذ للعنوان دور مهم في جذب القارئ لقراءة المقال، وعليه يُفترض أن يكون العنوان واضحاً يدلّ على موضوع المقال ومتصلاً بالهدف الذي يريده الكاتب، هذا مع اتصافه بالإيجاز.
  • البد بالكتابة: وهنا يبدأ الكاتب بصياغة الأفكار وترتيبها من خلال اتباع الآتي:[٤][٢]
  • كتابة المقدمة: تعد المقدمة البوابة الأولى لعرض موضوع المقال الرئيسي، ويتوقف على طريقة عرضها نجاح المقال من عدمه، حيث يعرض صاحب المقال في مقدمته فكرته الرئيسة للمقال، كما يمهّد فيها لذكر الأفكار والأهداف التي سيعرضها في محتوى المقال، وعادة ما تكون المقدمة مكوّنة من فقرة أو فقرتين، وذلك يتوقّف على طول المقال.
  • البدء بموضوع المقال أو محتوى المقال: يعدّ هذا الجزء هو الجزء الأطول والأكبر في المقال، حيث يشكل لبّ المقال، ففيه يعرض الكاتب أفكاره وأهدافه من المقال، ويطرحها بطريقة موضوعية ويناقشها، وفيها يذكر الكاتب كل ما يريد طرحه مع مراعاة تسلسل وترابط الأفكار في المقال، وتتكون عادةً من ثلاث فقرات أو أكثر -بحسب طول المقال-، بحيث تحوي كلّ فقرة منها على فكرة ما، يوفيها الكاتب حقها من الشرح والعرض والطرح، وبعد تمام معالجتها ينتقل الكاتب إلى فقرة أخرى، تحوي فكرة ثانية، يناقشها ويعرضها قبل أن ينتقل لفكرة جديدة، وهكذا حتى يتمّ أفكاره كاملة، وبذلك يكون قد أتمّ عرضه لموضوع المقال ومحتواه.
  • إنهاء المقال بكتابة الخاتمة: تعدّ الخاتمة الفقرة الأخيرة المعروضة في المقال بعد فقرات محتوى المقال، ويعرض فيها الكاتب النتائج التي توصلّ إليها في عرضه لموضوع المقال، والاقتراحات التي يوصي بها، حيث يعود إلى التركيز على الفكرة الأولى التي عرضها في مقدمته، ليبيّن ما آلت إليه أهداف مقالته ونتاجها، إذ إنّ الخاتمة بمثابة تلخيص شاملٍ مختصرٍ للهدف من المقال.


أنواع المقالات

تتعدّد وتتنوّع أنواع المقالات بحسب الموضوع الذي يعالجه المقال، وهنا سنحاول الإلمام بأهم أنواع المقالات، وهي:[٢]


المقال الأدبي

يعدّ هذا النوع من المقالات -المقال الأدبي- من أشهر أنواع المقالات وأكثرها انتشارًا، يمتاز بلغة قويّة رصينة مؤثّرة، وعلى صاحبه الاختيار الرزين المتأنّق لألفاظه عند الكتابة، وأن يكون مطّلعًا على أسرار اللغة وعلومها وقواعدها. فالمقال الأدبي يشترك مع الشعر بلغته العذبة وجمال التصوير، فهدف الكاتب هنا مخاطبة الوجدان وتحريك العواطف وجذب الانفعالات لدى القارئ، وهذا النوع من المقالات يرتبط ارتباطًا كليًّا بشخصية كاتبه، ويعكس مدى رقيّ أسلوبه وعذوبة لغته وارتقاء أفكاره.


المقال العلمي

إن لدور التكنولوجيا الحديثة والتقنية المتطوّرة، وظهور الاختراعات العلمية المتعددة أثر بالغ في نبوغ المقال العلمي وانتشاره، ففي كل يوم نصادف مخترعات عدة في الهندسة والعلوم الحيوية، والصناعات الدقيقة، والطب وفي مختلف العلوم، لذا كان من الواجب على كاتب هذا النوع من المقالات الاطلاع على هذه التطوّرات ونشرها، بأسلوب معرفيٍّ واضحٍ وماتعٍ وجاذبٍ، وبوصف دقيق مفهوم مُحكم بعيد عن العاطفة، فجاء المقال العلمي وعرض بصدق وموضوعية، ليخرج بالنهاية بنتيجة مُقنعةٍ ومُفيدةٍ.


المقال الاجتماعي

تكمن أهمية المقال الاجتماعي للعلاقة الوطيدة بين الصحافة والمجتمع، فالصحف اليومية ما هي إلا مرآة للحياة الاجتماعية المعيشة، ووسيلة لطرح المشكلات الاجتماعية والبحث عن حلول لها، فمن الطبيعي أن يحظى المقال الاجتماعي بنصيب الأسد في حجم المكتوب في الصحف الورقية والإلكترونية على السواء، وتختلف المقالات الاجتماعية باختلاف المشكلة الاجتماعية التي تعرضها، وإيجاد الحلول هو الموضوع الطاغي في أسلوب المقالة الاجتماعية.


نموذج لمقال

عنوان المقال: فوائد القراءة.

يقال: إن القراءة غذاء الروح، وأنا أقول بل هي غذاء للعقل ورياضة له، وبلسم للفكر. وهي طريقة مثلى وفعالة للحفاظ على الذاكرة، وحماية العقل البشري من الشيخوخة وأمراضها العديدة، كالنسيان والخرف.


والمحافظ على القراءة ومن اتخذها عادة وديدنًا في حياته يتلمّس فوائدها الجمّة في حياته العامّة، وصقل شخصيّته، فهي من الهوايات السهلة المناسبة لكل الأعمار والفئات، وهي نشاط فكري يستطيع أي شخص ممارسته بسهولة ويسر، وهي وسيلة للتسلية والترفيه، فمن خلال القراءة يستطيع روادها الخروج من توترات الحياة وضغوطاتها إلى عالم آخر يختارونه في كتاب، الأمر الذي يمنح أرواحهم وعقولهم المجال للراحة والاسترخاء.


كما أن القراءة مصدر خصب للمعلومات العامة والخاصة منها، وهي وسيلة لكسب المعرفة، وطريقة للتعلم واكتساب المهارات العامة، وأيضًا هي درب للتخصصات المتفاوتة، فبالاطلاع على موضوع معيّن، ومتابعة جلّ ما يُنشر حوله، سيكتسب القارئ فكرة خاصة حول تخصص ما يرغب الاطلاع عليه أكثر.


كما أن القراءة باب من أبواب المعاجم، فكلما قرأت أكثر أصبح لديك مخزون لغوي أعمق، ومصطلحات علمية وأدبية أدقّ، يمكن الاستفادة منها في الحياة العملية، وحتى في التواصل اليومي، فتمنح القارئ ثقة أكبر بنفسه، وتزداد مقدرته على التعبير عن أفكاره ومقترحاته أمام الجميع بطريقة مُقنعة جاذبة.


ومهما ذكرنا عن فوائد القراءة فلن نفيها حقّها، ولن نحصرها، ويكفينا فخرًا أنها أول أمر وآية في الذكر حثّ بها المولى نبيّه، وصارت قاعدة لنا ونهجًا.


تحليل المقال

بدأ الكاتب المقال باختيار عنوان واضح له كوّن صورة عامة عن هدف المقال ولخّصه، وهو: فوائد القراءة.

ثم بدأ المقال بمقدمة مختصرة مهّد فيها نماذج أولية مضيئة لفوائد القراءة، لينتقل بعدها للغرض من المقال، فعرض في فقرات ثلاث فوائد عامة للقراءة، ناقش في كل فقرة منها فائدة للقراءة، فهي وسيلة لتخفيف التوتر وضغوطات الحياة، وفي الفقرة الثانية بيّن أن القراءة مصدر للتعلم والتثقيف، وفي الفقرة الثالثة أوضح أهمية القراءة لتحسين المفردات اللغوية لدى القارئ، ثم ختم المقال بأن لا حصر لفوائد القراءة، وحثّ على اتخاذها نهجًا.


المراجع

  1. Arvind Kumar (15/6/2020), "How to write an article ? The art of writing", airtract, Retrieved 8/8/2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت مسفر بن محماس الكبيري، التحرير الكتابي، صفحة 112. بتصرّف.
  3. جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، aaa.pdf مقرر التحرير الكتابي، صفحة 63. بتصرّف.
  4. Cory Varga (30/12/2019), "The Art And Science Of Article Writing Format", travel, Retrieved 8/8/2021. Edited.