يُعرّف الدكتور محمد يوسف نجم المقالة على أنّها "قطعة نثرية محدودة الطول والموضوع، وتُكتب بطريقة عفوية وسريعة خالية من الكلفة، وشرطها الأول أن تكون تعبيرًا صادقًا عن شخصية الكاتب"، ويتضّح من التعريف السابق أنّ المقالة هي من الفنون النثرية، يقوم موضوعها على ملاحظة الكاتب لحركة الناس والأشياء، وتدبّر ظواهر الحياة البشرية وما يتعلّق بها، وحينما تؤثر تلك الحركات والمواقف في الكاتب تلّح عليه ليخرجها من عالم النفس إلى عالم الورق، تأتي على نوعين رئيسيين: ذاتية تبرز فيها انفعالات الكاتب وتعكس شخصيته، وتطغى عليها العاطفة والخيال، وموضوعية وهي المقالة التي يخفي فيها الكاتب كثيرًا من انفعالاته، ويحاول أن يخاطب عقل القارئ ثم وجدانه وعواطفه، ولذلك يتقيّد الكاتب بموضوع محدّد يوسّعه بالمناقشة، والأمثلة، وطرح الآراء والبراهين، والإحصائيات بأسلوب منطقي وألفاظ محدّدة، وهذا المقال سيركّز على الإجابة عن سؤال واحد هو: كيف تكتب مقالًا.


كيـــف تكــتــب مــقــالًا

إليك أهمّ الخطوات التي تساعدك على كتابة مقال ناجح:[١]

  • تحديد العنوان: يجب أن تختار عنوانًا دالًا موجزًا معبرًا لافتًا للقارئ، ويُفضّل أن يكون العنوان قصيرًا معبرًا عن محتوى المقال، وقد يكون رمزيًا موحيًا غير مستهلك أو مسجوعًا، ومن أمثلة عناوين المقالات أسباب التعلم عن بعد، ومن هذا العنوان يُفهم أنك ستتحدث فقط عن أسباب التعلّم عن بعد.
  • البدء بالمقدمة: بعد كتابة العنوان لا بدّ من البدء بالمقدمة التي ترتبط بالموضوع وتمهّد للعرض، ويمكن أن تبدأ المقال بجملة استفهامية أو طلبية أو تقريرية أو بأي جملة سليمة لغويًا تجذب انتباه القارئ، يمكنكَ أن تقول مثلًا في حال كان المقال عن التدخين، هل سمعت عن القاتل البطيء؟، هل سمعت عن قاتل يُخبرك بأنّه قاتل؟ وعن لص يعترف بجرمه قبل أن يسرقك؟ وهكذا.
  • كتابة الموضوع: بعد الانتهاء من المقدّمة يأتي العرض فيوسع الكاتب الفكرة بأفكار مساعدة متماسكة قد يعتمد فيها على مقارنات وإحصائيات، أو حكايات، أو أرقام وأدلّة، ويقسمها على فقرات حتى ينتهي من عرض الموضوع، فمقال عن التدخين مثلًا يمكن تقسيمه إلى أربع فقرات فقرة عن أسباب التدخين، وأخرى عن آثار التدخين على الفرد، وثالثة عن آثار التدخين على المجتمع، ورابعة عن حلول مساعدة لترك التدخين، ويُفضّل أن تكون فقرات المقال متجانسة ومتوازنة في الطول.
  • كتابة الخاتمة: بعد الانتهاء من عرض الموضوع يختم الكاتب مقالته بتركيز ما ذكره في العرض أو بالنتيجة التي يريدها، وقد يختمها باقتباس، أو استفهام، أو بنهاية يراها ترسخ في ذهن القارئ، وبجمل واضحة بعيدة عن الحشو أو الغموض، ومثال ذلك يمكن أن تكون خاتمة مقال التدخين: "وبعد استعراض آثآر التدخين على الفرد والمجتمع، وبيان مدى خطورتها على المدى القريب والبعيد، هل بقي لأي شخص مساحة للتفكير في أهمية اتخاذ إجراء أو خطوة للتخلص من هذا السم القاتل؟ هل هناك أية أعذار يمكن أن تواسي بها نفسك وأنت تراهن على ضياع سنين عمرك مع عدو على هيئة صديق؟ يوهمك تارة بأنّه مواسٍ لك، وأخرى بأنّه يساعدك على تفريغ غضبك أو توترك فيه كما تشاء، وما هو إلا قاتل محترف، فاحذر ألف مرة أن تظل واقعًا في هذا الفخ.


إضــــاءة: قد يساعدك كتابة الأفكار على ورقة جانبية في الوصول إلى عرض مقنعٍ ومتسلسلٍ في مقالك، مثلًا إذا كان الموضوع عن التدخين يمكنك أن تكتب الأفكار الآتية:

  • شركات التدخين تحذر على علب السجائر من خطورة الدخان، والتدخين عادة سيئة تبدأ تسلية وتنتهي متمكنة من الفرد.
  • مفارقة بين المدخن وغيره، وحكايات عن تحكم الدخان بأصحابه في مواقف وأوقات عصيبة.
  • أضرار التدخين الاقتصادية والصحية والجمالية.
  • ذكر مواقف منفرة من المدخنين في الأماكن الضيقة كالمقاهي والسيارات والغرف، وفي أماكن عامة مثل قاعات الانتظار وممرات المؤسسات التعليمية والصحية.
  • التردد والضعف من أسباب عدم ترك التدخين، وكثير من المدخنين استطاعوا بقوة الإرادة ترك هذه العادة السيئة.


شروط ينبغي توافرها في كاتب المقالة

لا بدّ من الإشارة إلى مجموعة شروط أساسية يجب توافرها في كاتب المقال، تلخصها النقاط الآتية:[٢]

  • القدرة اللغوية: لا بدّ من توفر حصيلة لغوية لدى كاتب المقال إلى جانب قدرته على الكتابة دون أخطاء نحوية وإملائية وتركيبية، ليتمكّن من التعبير عن فكرته وإيصالها إلى القارئ.
  • الموضوعية وتوخّي الدقة العلمية: عند كتابة المقال يجب تحرّي الموضوعية وعدم الانحياز لرأي لمجرد الهوى وإنما طرحه بعيدًا عن الإسقاطات الشخصية، وتوخّي الدقة العلمية في المقالات التي تستدعي ذلك كالمقالات الطبية أو الاقتصادية وغيرها.
  • الأمانة العلمية: يُفضّل عند كتابة مقالة معينة وعند الاستفادة من جهود سابقين الإشارة إليهم داخل المقال من خلال ذكر اسم الكاتب الذي نقلت عنه، أو من خلال توثيق النص بمرجع يحيل القارئ إلى صاحب الجهد.
  • المعلومات الكافية: إذا أردت أن تكتب مقالًا عن التعليم عن بعد مثلًا لا بدّ من أن تستمع وتقرأ وتشاهد وتدوّن ملاحظات لكي تتمكن من ترتيب أفكارك بناءً على معلومات من مصادر وليس مجرد أحاسيس أو مشاعر يفرضها موقف ما أو تفرضها فكرة معينة عليك، خاصة في المقالات الموضوعية.
  • التمتع بحس شفاف: لا يستطيع أي شخص نقل ما يراه إلى المتلقي بطريقة تلمس وجدانه وتؤثر فيه، خاصة في المقالة الذاتية، لأنّ الكاتب يرى الأشياء ويراقبها ويستنبطها ثم يربطها بحياة الإنسان وما يجري حوله، وبعدها يرسخها في مخيلته بصور معبرة وينقلها إلى الورق، لذا لا بد من وجود حسّ شفاف لدى كاتب المقال.
  • التدريب المستمر: حتى مع توافر الشروط السابقة يظل هناك أمر قد يغيب عن الكثيرين وهو التدريب، فالتدريب يتيح لك صهر العناصر الأساسية معًا وهي القدرة اللغوية والمعلومات والحس الكتابي الشفاف للخروج بمقال جيد للقارئ.


وفيما يأتي عناوين مشابهة وذات صلة بعنوان المقال:

المراجع

  1. ماهر شعبان عبد الباري، الكتابة الوظيفية والإبداعية، صفحة 227-228. بتصرّف.
  2. مسعود فلوسي، شروط ضرورية في كتابة ونشر المقالات العلمية، صفحة 1-3. بتصرّف.