القصيدة النثرية هي شكل من أشكال الكتابة والتعبير المتحرر من الوزن العروضي الذي اعتدنا عليه في أشعارنا، وهو مصطلح ظهر للمرة الأولى في القرن العشرين ليدل على القصيدة الشعرية التي تقع وسطاً بين القصيدة الشعرية التي نعرفها، وبين النصوص النثريّة، وللقصيدة النثرية خصائص عدّة تجعل هواتها يرون أنّ لها إيقاعاً خاصّاً، وموسيقى داخلية تجعلانها تفوق القصيدة الموزونة والمقفّاة جمالاً وروعة.


خصائص القصيدة النثرية

إنّ أيّ فن يتطلب من الفرد الإلمام بخصائصه التي تميّزه ليتمكن من الكتابة فيه، ومن خصائص القصيدة النثرية ما يأتي:[١]

  • التحرّر: تتسم القصيدة النثرية بالتحرّر من الوزن والقافية، والمحسّنات البديعية في أغلب الأحيان.
  • تعدّد الموضوعات والأغراض: تتميّز القصيدة النثرية بتعدّد موضوعاتها، ففي الحين الذي تنحصر أغراض القصيدة الشعرية بأبواب محددة من الغزل، والرثاء، والمدح مثلاً، تتوسّع الأغراض في القصيدة النثرية إلى أكثر من ذلك بكثير.
  • السهولة: يؤدي تحرّر هذا النوع من القصائد من الوزن، والقافية، والمحسنات البديعية، واتّساع موضوعاتها إلى كونها قصيدة تسهل كتابتها، ويسهل رصف المفردات فيها نوعاً ما.
  • الوسطيّة: تبدو القصيدة النثرية فنّاً وسطيّاً بين النثر والشعر.
  • التكثيف اللفظي: تتسّم المفردات المستخدمة في كتابة القصائد النثرية على الأغلب بعمقها، حيث يُراد منها ما هو أبعد من المعنى المذكور، ممّا يتطلّب من القارئ الوقوف عندها لفهم ما يعنيه الشاعر، وما يرمي إليه منها.
  • نقل تجربة: تصلح القصائد النثرية لنقل التجارب كقصص أو روايات، او أجزاء منها.
  • تعدّد الفقرات: تتكوّن قصائد النثرية على الأغلب من فقرة أو فقرتين.[٢]


كيفية كتابة قصيدة نثرية

قراءة بعض القصائد الشعرية

إنّ قراءة بعض القصائد الشعرية قبل البدء في عملية الكتابة أمر ضروري جداً ليس في هذا النوع من الفنون وحسب بل في جميعها، فالقراءة هي وسيلة الإنسان لاستشفاف خبرات من سبقوه في هذا الفن، وفيه زيادة لدربته فيه، والاطلاع على ما عرضه الشعراء في قصائدهم من موضوعات وأفكار لتجنّب التكرار، وفيها أيضاً تنمية لذائقة القارئ الفنيّة، ومن أولئك الذين عُرفوا بفن القصيدة النثرية الشاعر محمد الماغوط، وأنسي الحاج، وغيرهما.


اختيار الموضوع

واسع هو إطار القصيدة النثريّة، حيث يضمّ الكثير من المواضيع التي يمكنك الكتابة فيها، بالإضافة إلى أنّ هذا النوع من الفن هو حيّز جيد لعرض التجارب الذاتية بإسقاطاتها الداخلية، ولكتاب قصيدة نثرية ما عليك إلّا أن تختار إحداها وتنغمس في جو ما اخترته من موضوع قد يعكس موقفاً معيّناً أثّر في حياتك، أو حدثاً تاريخياً أثار فيك الحماسة، أو غيرها من الأمور.

.

الكتابة وتجسيد الأفكار

احصر ما تريد إيصاله في قصيدتك من أفكار، وقيّدها على ورقة، ثم سجّل بعض الكلمات التي تخدم قافيتك إن كنت تريد استخدام القافية، وابدأ بنظم جملك الشعرية على نحو طويل أو قصير المدى، واكتب قصيدتك النثريّة كما لو كنت تتحدّث لأحد أفراد عائلتك، أو لصديق مقرّب، حيث سيساعدك ذلك على بثّ مشاعرك وكل ما يكتنز في نفسك بيسر وسهولة، حيث يُعتبر ذلك مدعاة للإلهام الذي يحتاجه كاتب القصيدة، أمّا فيما يخصّ بناءها فلك أن تقسّمها إلى فقرات، كل فقرة فيها عبارة عن مجموعة من الجمل التي تخدم فكرة معينة، أو أن تبقيها كما هي، وعند فروغك من التعبير عن كل أفكارك ومكنونات نفسك أعد قراءة القصيدة مرات عدّة، وعدّل فيها ما يحتاج إلى ذلك من أفكار، ومفردات، وصححّ ما فيها من أخطاء لغوية -إن وُجدت- إلى حين الوصول لنسختك الأخيرة من قصيدتك النثريّة.


نموذج قصيدة نثرية

كتب الشاعر أُنسي الحاج قصيدة نثرية يوماً قال فيها:


يا صُعداء الحالمين وراء النوافذ

غيوم، يا غيوم

علِّميني فرَحَ الزوال!

هل يحِبّ الرجل ليبكي أم ليفرح

وهل يعانق لينتهي أم ليبدأ؟

لا أسألُ لأُجاب، بل لأصرخ في سجون المعرفة

ليس للإنسان أن ينفرج بدون غيوم

ولا أن يظفر بدون جِزْية.

المراجع

  1. حمدي الجبالي، قصيدة النثر، صفحة 11-12. بتصرّف.
  2. عبد القادر الجنابي، ما هي قصيدة النثر، صفحة 2.