ما هي شروط كتابة القصيدة النثرية؟

من يريد الدخول في مجال كتابة قصائد النثر لا بدّ له أن يتعرف متى نشأت وماذا يُقصد بها والشروط التي يجب أن تتوفر عند كتابة القصيدة النثرية، والأهم أن يتعرف على أبرز رواد هذا الفن الشعري؛ ليتبع نهجهم.

تعود نشأة قصيدة النثر عام 1960م وتعرف القصيدة النثريّة جنس فني جئ با لاستكشاف القيم الشعرية الموجودة في لغة النثر، ولغايات إيجاد مناخ مناسب للتعبير عن التجارب والمعاناة التي واجهها الشاعر من خلال قيامه بعرض صور شعرية عريضة تتسم بالكثافة والشفافية معاً، فهي تسعى إلى التخلص من قيود نظام العروض، والتحرر من الالتزام بالقواعد الموروثة من القصائد التقليديّة، حيث أنّها تمتاز بانفتاحها على الشعر والسرد والنثر الفني.

شروط كتابة القصيدة النثريّة

يجب أن تراعي في كتابة القصيدة النثرية عدة أمور منها:

• يجب أن تتصف القصيدة النثرية بما يتصف به النثر الفني "الكلام الفنّي الجميل، المنثور بأسلوب جيد لا يحكمه النظم الإيقاعي" وليس النثر الآخر، الجاف من كل ليونة وسيلان وطراوة الشعر، كالتابة العلمية أو التاريخيّة، أو الإنسانية .....
• يجب أن يكون بلغة مفهومة ومفتوحة المعاني والدلالات، ويتطلب الكتابة علو المقاطع .
• يجب أن تمحي القصيدة النثرية التعارض في الكتابة وفي اللغة، أي أن تجمع بين الاثنين، بين لغة الشعر ولغة النثر، وبين الكتابة النثرية والكتابة الشعرية، وقد حصل ذلك في أكثر القصائد النثرية، من حيث أنّها تجمع الشكلين، فمن شعر الشاعر شاكر لعيبي قصيدته (كم) من ديوانه (الأدنى والأقصى): ((كمْ كتبنا في مَدِيْحِ قشيْشةِ الحَيَاةِ. كمْ رَفعْنا مِن شأنِ الجَّوَارحِ في الأعَالي. لكمْ سَنظلُّ نمتدِح الخيوْطَ الهَشةِ التي ترْبط العَمَى بالخرَسِ والُّلعَابَ بالجَّرَسِ. هذا الناب، هذا الناب، هذا الناب مغروسٌ في عَضلاتِنا. هذهِ الحَياة، هذهِ الحَياة، هذهِ الحَيَاة عمارَةٌ مَائيَّةٌ، هذهِ القصَائد، هذهِ القصَائد، هذهِ القصَائد ليستْ سِوى رَمَادٍ ساخنٍ.)).
• يجب أن ترتبط الصورة الشعرية والكتابة النثريّة على خط واحد من حيث التشابه والتناظر.

يجب الانتباه لعدم الخلط بين الشعر الحر وقصيدة النثر عن طريق معرفة الفرق بينهما وأبر الفروقات بينهما أنّ شعر النثر لا يتبع لوزن أو قافية أو بحر عروضي على عكس الشعر الحر. *

• يجب أن يغلب السكون على نهاية الجمل والسطور في القصائد النثرية.

شروط كتابة القصيدة النثريّة المتعلقة بالكتّاب

هناك أيضاً عدد من الشروط التي يجب أن تطبق على من يريد كتابة القصيدة النثرية:

• أن يلاحظ الكاتب تفاصيل الموضوع أو الحادثة كاملة .
• أن يجد الكلمات والألفاظ المناسبة ويضعها في مكانها المناسب.
• أن يكون من هواة القراءة، فالقراءة الكثيرة تعطي للكاتب ملكيّة فكرية واسعة وموسوعة مصطلحات تعينه علو اختيار المناسب منها في قصيدته.
• أن يكون مثقفاً وينبغي أن يقرأ بشكل دوري بما يناسب اهتمامه حتى يصل لإحاطة كاملة بالموضوع المراد الكتابة عنه.
• أن يكون في بيئة وظروف تساعده على إنجاز الكتابات الأدبية بشكل يعبر عن إبداعاته الحقيقية.
• أن ينفعل لحادثة أو لأمر ما فهو من الأساسيات التي تسهّل على الكاتب البدء بقصيدته، فناك كتّاب لم يقضوا حتى ساعات في كتابة قصائدهم لتأثرهم وإحاطتهم الكاملة بالموضوع.
• يجب أن يختار الكاتب لحناً معيناً، ويجب أن يكون اللحن قريباً للقلب مستساغاً، وسهلاً.
• أن يكون الكاتب حذراً بالتنقل بين صور القصيدة وأن تكون الصورة تدريجيّة ومتناغمة لكي لا يتبيّن الخلل بينها، وتنقل لمستمع من صورة إلى صورة بشكل مزعج. [^[١]

وإذا كان لديك ميول لكتابة قصيدة النثر فلا بدّ لك أن تتعرف إلى أبرز رواد قصيدة النثر حتى مطلع التسعينات في القرن العشرين: جبرا إبراهيم جبرا، توفيق الصايغ، محمد الماغوط، شوقي أبي شقرا، أدونيس، مظفر النواب،أنسي الحاج، عزّ الدين المناصرة، سليم بركات، عباس بيضون، بسام حجار، وديع سعادة، عبد القادر الجنابي، سكرون بولص، بول شاوول،

نماذج على قصيدة النثر

• في قصيدة "طرقات شجرة" لمحمد بنّيس:^[٢]

الأرض تَبتكِرُ العُروق

جذع يضيء بوحدة في برد أغباش

غصون ميتات

تدفع الأفق الأخير إلى اضطراب بزوغه

فصرخت فيك ارحل معي

وكتبت في صمت الكتاب ارحل معي

• مثال آخر من قصيدة النثر التي تخلو من الوزن والقافية: إليكِ

اصطدمنا في زقاق لعله ارتعاشة الكلام، لم يكن بيننا عطر، هددني الغناء

نيج مبلل بهجومه، غفوة على كتفي تنأى بأعضائي، معابر انحفرت

في زرقة وحيدة لنا معاً، أو لي وحدي، صباح الخير يا موج السفينة

• جاء في قصيدة للشاعر محمد الماغوط: عكازك الذي تتكئ عليه يوجع الإسفلتْ

ف الآن من الساعة الثالثة من هذا القرنْ

لم يعد ثمة ما يفصل جثة الموتى

على أحذية المارّةْ