القصة فن أدبيّ حر يتيح للكاتب الانطلاق في فضاءات الخيال بسلاسة وحريّة، لينسج فيه أجمل ما يراه في عالمه من قصص وروايات، ولكتابة القصة القصيرة شروط تجعلها تظهر بحلة بهية، فتستهوي قلوب القرّاء، وتقنع منطقهم بأحداثها، وعلى من يخطّط لكتابة قصة قصيرة التنبّه إلى وجود أساسيات لذلك لا بدّ له من مراعاتها، ولأجل ذلك وُضع هذا المقال.


ضيّق نطاق الفكرة

لكل فنّ قصصي سواء أكان قصة قصيرة، أم رواية، أم مسرحية فكرة يبدأ بها، وحولها يتمحور، وفي هذا الجزء تكمن بذرة نجاح العمل، فالاختيار الصحيح لهذه الفكرة، ثمّ تسخير كل عناصر العمل الأخرى من شخصيات، وحبكة، ومكان، وزمان لتجسيدها هو ما يتحكّم في نجاحها من عدمه، وتختلف الرواية عن القصة -رغم تشابههما الكبير- بضيق مساحة الثانية مقارنة بالأولى، فحيّزا الزمان والمكان في القصة محدودان وقصيران على عكس الرواية، ممّا يترتب عليه أن تدور أحداث القصة في مكان أو مكانين فقط، ضمن زمان محدّد، وعدد شخصيات محدّد أيضاً على عكس الرواية التي يتعدّد أبطالها، ويتّسع نطاقا الزمان والمكان فيها ليشملا حيّزاً واسعاً جداً قد يمتد ليشمل بلداناً عدة، وتجري أحداثه على مدار سنين بل عقود، وبناء على ذلك عليك ككاتب قصة قصيرة اختيار فكرة بسيطة تستطيع تجسيدها في مكان أو مكانين، وضمن وقت محدّد، وعدد شخصيات محدود أيضاً.[١]


اشحن قلمك بالخيال

عنصر التشويق هو أساس كلّ عمل روائيّ أو قصصي، فما فائدة قصة يستطيع القارئ التنبؤ بأحداثها، ونهايتها، ومصائر الأبطال فيها! ومخطئ هو مَن يظن أن عنصر التشويق يبدأ بتقدّم أحداث القصة، فكما قلنا سابقاً للقصة القصيرة محدّدات زمانية ومكانية على الكاتب أن يستغلّها منذ أول صفحة من صفحات القصة، فيبدأ ببثّ أحداث الروايات والتعريف بشخصياتها بطريقة مشوّقة تجعل القارئ لا يطيق صبراً حتى يصل إلى الصفحة التالية، فما بعدها، وما بعدها وهكذا، وعنصر التشويق غير محصور بأفكار معيّنة، بل يمكن إضافته لأيّ فكرة عادية وإضفاء مسحة من الجاذبية والخيال إليها بمجرّد تحرير ذهنك، والتفكير خارج نطاق الجمل الرتيبة المستخدمة في القصص عادة، أو الصور النمطيّة للشخصيات فيها، كصورة الموظف الحكومي ذي النظارة السميكة، والبدلة الرمادية المهترئة والأنف المحدّب، وغيرها من الصور النمطيّة الأخرى المثيرة للملل، وتذكّر أنّك لست بحاجة أفكار خارقة لتنسج منها قصة ناجحة، فقد تكتب حول أحد مواقف حياتك بشكل مميّز لتصنع أجمل القصص، وكمثال على ذلك ما رأيك بزيارة طبيب أسنان عاديّة تتحوّل إلى رحلة من الدهشة والخيال عندما يقفز مبضع الجراحة من يده ناطقاً، وتتراقص حوله الأشياء وسط ذهول المريض، والطبيب ومساعده!.


اخلق محوراً واحداً من الصراع

من شروط كتابة القصة القصيرة خلق محور واحد من الصراع وليس أكثر، فبعد التعريف بالشخصية الأساسية وبعض صفاتها، والشخصيات الأخرى وعلاقتها بهذه الشخصية، وما تريده منها، عليك خلق صراع يبدأ بشكل تدريجي منذ بداية القصة ويتصاعد شيئاً فشيئاً حتى يصل للذروة، أو (للأزمة المركزية) وهي النقطة التي تحتّم على البطل التعامل مع ما يوجهه من مشاكل خارجية أو داخلية بطريقة أو بأخرى، كأن يكون صراع بطلة القصة (المعلمة المتردّدة) مع مديرتها وزميلاتها المعلّمات في المدرسة حيث تتعرض للتنمّر، والاستغلال المستمر من قبلهنّ منذ بداية السنة الدراسية، ممّا يؤدي إلى انفجارها فجأة في أحد الاجتماعات الدورية وتفريغ كل ما اخفته من انفعالات طوال الفترة السابقة وإعلان استقالتها...إلخ.[٢]


اختم بنهاية مذهلة

ليس من المنطق أن تقدّم طبقاً معدّاً بحرفية عالية دون أن تتم عملية طهيه على أكمل وجه حتى النهاية، وكذا هو الأمر بالنسبة لخاتمة القصة القصيرة، فلتعلم أيّها الكاتب أنّ العمل القصصي عمل متكامل ومترابط يجب ألّا تقل جودة أي جزء فيه عن الأجزاء الأخرى، وأنّ اختيار خاتمة محمّلة بالدهشة، ومقاربة لتوقّعات القارئ ورؤاه هي من أهم ما سيشكّل رأياً عن روايتك عند القارئ، لذا احرص على أن تجوّد في اختيار خاتمتك حتى تقدّم عملاً أدبياً رائعاً منذ بدايته وحتى آخر صفحاته، وراعِ أن يكون غير مخيّب للآمال.


وفيما يأتي بعض العناوين المشابهة وذات صلة بعنوان المقال:

المراجع

  1. "How to Write a Short Story", wikihow, Retrieved 5/10/2021. Edited.
  2. "How to Write a Short Story in 6 Simple Steps", blog.reedsy, 17/5/2021, Retrieved 5/10/2021. Edited.