بدأت الصحافة في العالم بصحافة المقال، أي أنها كانت تعتمد على المقالات وبعدها تحوّلت إلى صحافة أخبار، ولكن بقيَ للمقال أهميته ومكانته، بل إنّ المقال يعدّ مؤشرًا من مؤشرات الديمقراطية والحرية التي يتمتع بها بلد دون آخر خاصة في المقالات التي تسلط الضوء على مظاهر الفساد والسياسات المتبعة في بلد من البلاد، وقد عرّف أحد الخبراء المقال على أنّه رسالة من العقل إلى العقل والقلب، ويعرّف محمود أدهم المقال على أنّه فكرة يقتنصها الكاتب خلال معايشته الكاملة للأنباء، والآراء، والقضايا، والاتجاهات، والمشكلات المؤثرة على المجتمع والقرّاء، يُقدّمها ويشرحها إمّا بالتأييد أو المعارضة بلغة تتّسم بالوضوح والبساطة يعكس شخصيته وفكره من خلالها، وهذا المقال سيوضّح شروط كتابة المقال الصحفي.[١]
اللغة القريبة من لغة الحياة العامة
تتعدّد المقالات وتتنوّع، ولكل نوع لغته الخاصة به، فالمقال الأدبي يعرض تجربة الكاتب الذاتية وعواطفه ومشاعره، والمقال العلمي يعتمد على الحقائق والنظريات العلميّة، أمّا المقال الصحفي فلغته أقرب إلى لغة الحياة العامة بمعنى أن لغته يفهمها كل الناس على اختلاف مستوياتهم التعليمية أو الثقافية، ولا يُقصد بذلك المستوى العامّي من الخطاب أو الكلام (اللهجة العامية)، وقد وصف بعض الخبراء لغة المقال الصحفي على أنّها اللغة العربية الفصحى المعاصرة، أو فصحى عصر الصحافة والإعلام.[٢]
التوازن في البناء الفني للمقال
من شروط كتابة المقال الصحفي التوازن في البناء الفني للمقال، إذ لا يمكن الاستغناء عن أي جزء مهم فيه، لأنّ ذلك سيُقلّل من فاعلية المقال أو قيمته، وتنقسم أجزاء المقال إلى المقدمة وجسم المقال والخاتمة كما ستوضّحها النقاط الآتية:[٢]
- المقدّمة: يجب أن يبدأ المقال الصحفي بمقدّمة، إذ يبدأ الكاتب بمدخل تمهيدي للفكرة لجذب انتباه القارئ لمتابعة القراءة، ويمكن أن يُثير فيها فكرة جديدة، أو قضية مهمّة للرأي العام، أو تعليقاً على خبر متداول بين الناس، أو وصفاً لمشكلة خطيرة وحساسة في المجتمع.
- جسم المقال: هو الجزء الذي يحتوي على جوهر المقال، ويحتوي على البيانات، والمعلومات، والحقائق المرتبطة بالموضوع إلى جانب الأدلة والبراهين الداعمة لوجهة نظر الكاتب بالإضافة إلى أبعاد الموضوع، ودلالاته المختلفة، والخلفية التاريخية له.
- الخاتمة: تُعدّ الخاتمة من أهم أجزاء المقال ويتوقف عليها اقتناع القارئ أو عدم اقتناعه بفكرة الموضوع وآراء الكاتب، وغالبًا ما تحتوي على دعوة القارئ للمشاركة في إيجاد حلول للقضية أو المشكلة لتفعيل دوره أو لدفعه لاتخاذ موقف معين تجاه الموضوع أو النصيحة المقدّمة له.
الارتكاز على ثلاثة أعمدة عند كتابة المقال
المقال الصحفي الناجح يتكون من ثلاثة أعمدة، هي: الفكرة والأسلوب والمحتوى أو المضمون، إذ يجب أن تكون الفكرة جديدة ومبتكرة، أمّا الأسلوب ففي بعض الأحيان يكون هو سر نجاح المقال بسبب ما يقدّمه من آراء وشواهد وسيناريوهات وأفكار خلّاقة، وإذا جمع المقال بين الفكرة الإبداعية والمبتكرة والأسلوب القوي والمضمون الجيد فإنه بذلك سيصل إلى درجة الاحتراف، وهناك أمثلة كثيرة لمقالات صحفية أثارت اهتمام وسائل الإعلام وتناقلتها بعين الاهتمام.[٣]
الالتزام بالمهنية والحرفية
وهذا الشرط لا يخص كتابة المقال الصحفي فحسب وإنما قد تجده في مقالات أخرى، وهو الالتزام بالمهنية بمعنى تحرّي الدقة والموضوعية والبعد عن التحيز عند تقديم العمل، والحرص على الشمول ويُقصد به الإحاطة بجميع جوانب القضية قدر الإمكان، إلى جانب طرح الأسئلة التي سترشدك لتبدأ وتكتب، على نحو: "ما عنوان المقال الذي أريد كتابته؟"، و"من هم الأشخاص المعنيين بقراءة هذا المقال أو من هو الجمهور المستهدف؟"، و"ما الأدلة والشواهد والآراء التي سأطرحها في هذا المقال؟"، و"ما وجهة النظر التي سأدعمها ولماذا؟"، و"ما وجهة النظر التي سأعارضها ولماذا؟"، و"متى حدث الأمر الذي سأتناوله في المقال وأين؟"، و"من هي الجهات المسؤولة عن هذا الحدث أو المشاركة في صناعته؟"، وقد تزيد الأسئلة أو تنقص بحسب عنوان المقال.[٤]
إدراك الاختلافات في مضمون المقال الصحفي
سبقت الإشارة إلى أن مضمون المقال الصحفي ركن أساسي من أركانه، ولكن يجب عليك أن تكون واعيًا للاختلاف في المضمون بمعنى اسأل نفسك ما الذي أود إيصاله من هذا المقال؟، فالمقالات الصحفية أنواع منها ما هو نقديّ يقدّم قضية معينة وينقدها ويساهم في تكوين وجهات النظر حولها، ومنها ما هو تحليلي يعتمد على طرح الأفكار أو المعلومات وتحليلها، ومنها ما هو افتتاحي يعبر عن رأي الصحيفة وسياستها، ومنها ما هو عمودي وهو مساحة صغيرة وثابتة داخل الجريدة تخصص لكاتب معين وهي غالبًا ما تكون مساحة حرة يطلّ بها الكاتب على معجبيه أسبوعيًا أو يوميًا، هذا ويشار إلى أنّ المقال الصحفي عامة يبتعد عن الخيال والمبالغات واستخدام المحسنات البديعية ويميل إلى الوضوح والمباشرة والواقعية.[٤]
وفيما يأتي بعض العناوين المشابهة وذات صلة بعنوان المقال:
المراجع
- ↑ محسن الإفرنجي ، فن المقال الصحفي، صفحة 2. بتصرّف.
- ^ أ ب محسن الإفرنجي ، فن المقال الصحفي، صفحة 4-5. بتصرّف.
- ↑
- ^ أ ب DMITRY DRAGILEV (22/3/2020), "How to Write a Press Release in 4 Steps", blog.justreachout.io, Retrieved 28/7/2021. Edited.